سيكولوجي بالعربي

الشخصية المعادية للمجتمع

صورة تعبر عن الشخصية المعادية للمجتمع

الشخصية المعادية للمجتمع هي أحد الاضطرابات الشخصية التي تندرج ضمن المجموعة ب (Cluster B) في التصنيف النفسي (DSM-5). يتميز هذا الاضطراب بنمط مستمر من تجاهل القوانين والأعراف الاجتماعية، مع انتهاك حقوق الآخرين، وافتقار إلى التعاطف والندم. غالباً ما يرتبط هذا النوع من الشخصية بالسلوك الإجرامي، الخداع، الاستغلال، والعدوانية، مما يجعله من أخطر الأنماط السلوكية على المستوى الفردي والمجتمعي.

يتراوح معدل انتشاره عالميًا بين 1% – 4% من عموم السكان، لكنه أعلى بكثير في السجون (40–70%).

خصائص الشخصية المعادية للمجتمع

1- اللامسؤولية

  • الفشل المتكرر في الحفاظ على عمل منتظم.
  • عدم الوفاء بالالتزامات المالية أو العائلية.
  • إهمال الأبناء أو الشريك بشكل متعمد أو بسبب اللامبالاة.

2- الاندفاعية

  • اتخاذ قرارات لحظية قد تكون مدمرة له وللآخرين.
  • الانخراط في مغامرات خطيرة دون تخطيط.
  • صعوبة وضع أهداف طويلة الأمد أو الالتزام بها.

3- الخداع

  • الكذب المستمر حتى في أمور لا تحتاج للكذب.
  • استخدام الأسماء المستعارة أو هويات مزيفة.
  • التلاعب بالآخرين عاطفيًا أو ماليًا لتحقيق مكاسب شخصية.

4- انعدام التعاطف

  • تجاهل مشاعر الآخرين أو السخرية منها.
  • اعتبار الألم النفسي أو الجسدي للآخرين شيئًا تافهًا.
  • الاستمتاع أحيانًا بمشاهدة الآخرين وهم يعانون.
  • تدهور في العلاقات الاجتماعية: غالبًا ما يفقد الأصدقاء بسبب استغلاله لهم.

5- العدوانية

  • الميل إلى الدخول في شجارات متكررة.
  • التهديد المستمر أو استعمال العنف لحل النزاعات.
  • انخفاض عتبة الغضب، والانفجار لأسباب بسيطة.

6- غياب الندم

  • عدم الشعور بأي ذنب بعد ارتكاب جرائم أو خيانات.
  • محاولة تبرير أفعاله بالقول: “الجميع يفعل ذلك” أو “كان يستحق”.
  • تحميل الآخرين المسؤولية عن أفعاله الخاصة.

7- المخاطرة العالية

  • القيادة المتهورة أو تحت تأثير الكحول.
  • الانخراط في تعاطي المخدرات رغم المخاطر.
  • القيام بأنشطة إجرامية على الرغم من احتمالية القبض عليه.
  • سجل جنائي متكرر (سرقة، احتيال، اعتداءات).
  • تجاهل صارخ للقوانين (مثل عدم دفع الضرائب أو الغرامات).

8- العلامات في الطفولة

  • هروب من المدرسة بشكل مبالغ فيه.
  • إيذاء الحيوانات والاستمتاع بتعذيبها.
  • إشعال الحرائق في الاماكن العامة.

أسباب تكوين الشخصية المعادية للمجتمع

1- العوامل الوراثية والجينية

  • دراسات التوائم أظهرت أن نسبة التوريث تصل إلى 40–50%.
  • وجود تاريخ عائلي لاضطرابات السلوك أو الإدمان يزيد المخاطر.

2- العوامل البيولوجية

  • نشاط منخفض في الفص الجبهي (المسؤول عن ضبط السلوك والتخطيط).
  • فرط نشاط اللوزة الدماغية المسؤولة عن العدوانية والانفعال.
  • خلل في الناقلات العصبية (الدوبامين – يزيد الاندفاع، السيروتونين – يقلل الضبط).

3- العوامل البيئية

  • بيئة أسرية مضطربة (إدمان، عنف منزلي، إهمال).
  • التعرض للتحرش أو الصدمات في سن مبكرة.
  • الفقر والتهميش الاجتماعي يزيدان احتمالية الانخراط في سلوكيات منحرفة.

4- العوامل النفسية

  • غياب الضمير الأخلاقي أو تكوين هوية أخلاقية بديلة (تبرير العنف بأنه “قوة”).
  • ضعف القدرة على بناء روابط وجدانية.
  • نمط التفكير الثنائي (إما السيطرة أو الخضوع).

مخاطر وتأثيرات الشخصية المعادية للمجتمع

1- على الفرد:

  • ارتفاع احتمالية الوفاة المبكرة بسبب الحوادث أو الجرائم.
  • الدخول المتكرر في السجون مما يحد من فرص الحياة المستقرة.
  • الإدمان على المخدرات والكحول لتفريغ التوتر أو الهروب من المسؤولية.

2- على المجتمع:

  • انتشار الجريمة المنظمة (السرقة، الاحتيال، العصابات).
  • زيادة تكاليف الأمن والسجون.
  • تأثير سلبي على الاستقرار الأسري والاجتماعي.

3- على العلاقات:

  • فشل متكرر في الزواج أو العلاقات العاطفية.
  • استغلال الشريك ماديًا أو جسديًا.
  • حرمان الأبناء من بيئة مستقرة وصحية.

طرق التعامل مع الشخصية المعادية للمجتمع

1- الإجراءات القانونية

  • فرض عقوبات واضحة وصارمة للحد من السلوك العدواني.
  • برامج إصلاحية داخل السجون لإعادة التأهيل.

2- الإجراءات الاجتماعية

  • وضع حدود صارمة في التعامل مع الشخص (لا ثقة مطلقة، لا قروض مالية).
  • الحذر من التلاعب العاطفي أو الاستغلال.

3- الإجراءات الأسرية

  • التثقيف الأسري حول كيفية حماية الذات.
  • تقليل الاعتماد على الشخص المعادي للمجتمع في المسؤوليات المهمة.

العلاج النفسي للشخصية المعادية للمجتمع

1- العلاج النفسي

  • العلاج السلوكي المعرفي (CBT) لتدريب الشخص على إدراك عواقب أفعاله.
  • برامج التحكم في الغضب والتدريب على مهارات التواصل.
  • العلاج الجماعي داخل السجون قد يساعد على تقليل العزلة.

2- العلاج الدوائي

  • مضادات الاكتئاب (SSRIs) لتقليل الاندفاعية.
  • مثبتات المزاج (مثل الليثيوم) للسيطرة على العدوان.
  • مضادات الذهان في الحالات المصحوبة بأعراض ذهانية.

3- التدخل المبكر

  • علاج اضطراب السلوك عند الأطفال (السرقة، الكذب، العدوان).
  • توعية الأهل بأهمية التدخل النفسي المبكر.
  • تحسين البيئة الاجتماعية (برامج دعم الأطفال المعرضين للخطر).

الخاتمة

الشخصية المعادية للمجتمع تمثل تحديًا كبيرًا على المستوى الطبي والاجتماعي والقانوني. فهي ليست مجرد نزعة عدوانية، بل اضطراب نفسي عميق الجذور يرتبط بعوامل وراثية وبيئية متداخلة، يعتبر أخطر ما فيها هو غياب الشعور بالذنب والتعاطف، مما يجعل التغيير صعبًا، لكن العلاج المبكر والتدخل المجتمعي يمكن أن يقلل من حدة الأعراض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *